لا يمكن أن نتصور درجة الغليان والاستياء العميق وموجة الغضب التي انتابت الساكنة الآسفية بسبب تأخير انجاز مشروع تهيئة الكورنيش، بدليل العدد الهائل من التعليقات والتدوينات، على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي،وكذا بعض الوقفات الاحتجاجية في عين المكان.
منذ تشكيل مجلس المدينة حتى هاته اللحظة بالذات، فالحصيلة غير مشرفة على الاطلاق،أداء باهت،لا يتماشى ولا يتجاوب مع تطلعات وحاجيات وآمال الساكنة، بكل صدق وموضوعية وأمانة وحياد تام ، فلاأشياء ملموسة تحققت على أرض الواقع،حيث لم يطبق ولو جزء قليل من العرض السياسي، الذي تم اقتراحه من قبل الأحزاب السياسية، التي تشكل الأغلبية في هذا المجلس الموقر،برئاسة العدالة والتنمية،حيث لم يلمس المواطن الآسفي أي تغيير لحدود الساعة ،لا على مستوى تأهيل المدينة، بتعويض النقص الحاصل فيما يتعلق بالبنيات والمرافق اللازمة، وتعبيد الشوارع ،وطرق الأحياء،ولا على مستوى جلب الاستثمارات، لخلق فرص للعمل،أو على مستوى توظيف واستثمار المؤهلات الطبيعية ،والموروث الحضاري والثقافي والتاريخي، لجعل حاضرة المحيط قبلة ليس فقط للسياح من الداخل ،بل أيضا وجهة للسياح الأجانب،بالتالي العمل في هذا الاتجاه لتشجيع القطاع السياحي، باعتباره محركا لعجلة التنمية .
فما يلاحظه الآسفيون وهاته حقيقة لا يمكن انكارها ،لأنها ترى بالعين المجردة، وليس بالميكروسكوب ،هو الانفجار والتوسع العمراني،والاستثمار في العقار،فزحف مشاريع الاسمنت المسلح أتت على الأخضر واليابس، باستغلال الأراضي الفلاحية الشاسعة، في الحدود بين المدار الحضري والمدار القروي.وللتأكد من كل ما قيل، يكفي أن تقوم بجولة من شمال المدينة الى جنوبها.
طبعا، الأداء غير المقنع والمردود الباهت، للمجلس يطرح أكثر من علامات استفهام،وهذا ينعكس سلبا على صورة الأحزاب المكونة للأغلبية، والتي تشتغل بكل أريحية في ظل تواجد معارضة صورية،فحتى المتعاطفين اهتزت ثقتهم،فما بالك بباقي النخب التي تتفرج على المشهد من بعد، والتي لا يروقها العمل السياسي،ولو أن هذا الفراغ كان لصالح نخبة من الأميين، ونخبة من المثقفين الأميين ، فبدل اعادة هاته الثقة المفقودة والمصالحة، وتغيير قناعات المواطن للاحساس بالرضى والاطمئنان، واستقطابه للمشاركة السياسية،واعادة الاعتبارللعمل السياسي،حصل العكس تماما،بعدم الالتزام والفشل الذريع، في تلبية حاجيات المواطن الملحة، وتطلعاته على كافة المستويات الاقتصادية منها ،أو الاجتماعية،أو الثقافية،أو البيئية …
وتجدنا نتساءل هل هذا الوضع الباهت نتيجة لغياب السيولة الكافية، لعقد شراكات مع مؤسسات عمومية والقطاع الخاص ؟هل هناك ديون متراكمة أدت الى عجزمالي ؟ هل تغيب الرؤية والاستراتيجية لغياب العنصر البشري و تأهيل الكفاءات ؟ هل لازال المجلس يدبربشكل ارتجالي وعشوائي و بطرق تقليدية ؟وهل من اشكال على مستوى عملية استخلاص الضرائب…؟ …؟
ويحاول البعض من الموالين والتابعين والمرتزقة والمطبلين والمنوهين والمهللين والمستفيدين، أن يوهم ويغلط الرأي العام الآسفي، بأن هناك صراعات ،هي التي حالت دون العمل، بالشكل المأمول والمرغوب فيه، بين التيار الذي يترأسه حزب العدالة والتنمية، وتيارحزب الأصالة والمعاصرة،ونؤكد دون ترك أي مجال للشك، أن المعارضة أولا شكلية ،ثانيا قد يبدو للمتتبع منذ الوهلة الأولى، أن هناك صراعا وتوترا ونفورا، نتيجة للاختلاف في وجهات النظروهذا أمر طبيعي،يدخل في اطار الديموقراطية،من خلال الصراخ وانتفاخ الأوداج والاحتجاج ،لكن في العمق والباطن هي علاقات صداقة حميمية على طول، وتبادل مصالح، وقضاءحوائج، وجبرخواطر، وما خفي أعظم، وهاته حقائق لا يمكن انكارها ،ولا التستر عليها،يعرفها الخاص والعام والقريب والبعيد.
ولعل العديد من المناطق تحتاج الى تأهيل على مستوى صيانة الشوارع وتعبيد الطرق.هذا علاوة على الأحياء السكنية الجديدة التي تنعدم فيها البنيات التحتية،وأيضا داخل أحياء ناقصة التجهيز غير المربوطة، بشبكة التطهير السائل، وغير الموصولة أصلا، بخدمات الانارة العمومية.هذا ناهيك عن غياب الصيانة والمراقبة والتتبع للملاعب الرياضية والحدائق ولو أن بعضها اليوم في طي النسيان و التهميش .
وتجدنا نتساءل عن مدى مساهمة القيمين والمشرفين على الشأن الثقافي في التنشيط وخلق الدينامية المطلوبة، على مستوى دعم الجمعيات وتشجيع المبادرات وتلبية رغبات وحاجيات جميع الفئات والشرائح أطفال مراهقين شباب نساء،ويستغرب المهتمون بالشأن الفني عن غياب فن الملحون، وفن الطرب الأندلسي،والفن العصري، في الأيام الصيفية، وفي الأعياد الوطنية ،وفي باقي المناسبات،علما أن هاته الفنون لها قدر وشأن وباع طويل، في تاريخ حاضرة المحيط.
طبعا ،لايمكن الاحاطة بجميع الملفات والقضايا المطروحة،فالحيز لايسمح بذلك ،لكن الشيء الأكيد أن هناك جملة من الانتظارات،تفرض وتحتم على مجلس المدينة، التعاون مع السلطات، والمجتمع المدني، وكل الهيآت الحقوقية والسياسية والفاعلين، للتشاوروالحوار وابداء الآراء والملاحظات واقتراح التصورات، ومتابعة شأنهم المحلي حسب ما يخوله القانون والدستور.
محمد أبوالمهدي : كاتب رأي