ان ممارسة الحكم مسألة سياسية صعبة، و تتعلق في جانب من جوانبها باتخاذ القرارات و تحمل المسؤوليات،و معرفة الاوليات التي تفرض نفسها على حكومة ما،و مبادئ الحكم الجيد(الحكامة الرشيدة).
لقد سبق لجون جاك روسو في خطاب الاقتصاد السياسي ان تطرق للموضوع قائلا”ان الامر الاكثر ضرورة و الاصعب في كل حكومة هو النزاهة الصارمة التي تضمن العدالة للجميع،و التي تحمي بالخصوص الفقير ضد استبداد الغني.و انه لشر عظيم ان يوجد فقراء يحتاجون للدفاع عنهم و اغنياء يحتاجون للحد من شرهم…”
ان الشر يصيب المجتمع احيانا،ذلك الشر المتمثل في انعدام العدالة و انعدام المساواة،اي بمعنى ان الامر يتعلق بمعنى العدالة في علاقتها بالمساواة.
فاذا كانت المساواة التامة بين جميع افراد المجتمع مستحيلة،فكيف يمكن الحديث عن إمكانية بلوغ العدالة من طرف حكومة تعتمد على دستور و قوانين تعاني هي نفسها من عيب اللامساواة؟
ان العدالة كانت و لا تزال الموضوع الابرز و الجوهر في كل الفلسفات و الأنظمة السياسية،فكانت مفاهيم من قبيل الحق و القانون و العدالة و القضاء الشغل الشاغل الاستهلاك الفلسفي.
فما هو الحل المباشر لمعضلة اللامساواة المسببة في انعدام العدالة؟
الا يمكن التوقع ان يحد من تراكم المال و استبداده،و من سيادة انتشار الفقر في المجتمع؟
فما هي اسباب اللامساواة،و كيف يصبح المال سلطة استبدادية تمكن الغني من السيطرة على الفقير و على المجتمع؟
و على صعيد الدول،سيطرة الدول الغنية.
ما هي الأسباب التي تؤدي بسقوط الناس في براتين الفقر؟.
تعمل الحكومة بواسطة القوانين الا ان هذه الاخيرة عاجزة عن الدفاع عن الفقراء و الحد من ظلم الاغنياء،ففد يكون المرء غنيا ان يملك بفضل المال سلطة الغاء القوانين(القانون الذي هو اسمى تعبير عن إرادة الأمة و على الجميع الامتتال اليه).
فالمال يمكن من شراء الملذات و الارتقاء او حماية وضعية اجتماعية تتمتع بالامتيازات،لان القانون لا بؤتر على الفقير لان بؤسه يمنع ذلك،لكونه يوجد في هوامش المجتمع،بعيدا عن كل اهتمامات السلطة ،فالقوانين لا تؤثر كذلك على المنتمين للطبقة الوسطى ان وجدت،فالمواطن المنتمي لهذه الطبقة لا سلطة له ليشتري تساهل و تعاطف بعض القضاة معه.
ان الحكومة الفعالة و الحكامة الجيدة هي التي تستطيع توقع حدوث الازمات و المشاكل و تعمل على تفاديها و الحكم فيها و منع الاغنياء من السيطرة على المجتمع.